اضطراب الحزن المعقد/المطول بعد فقد شخص عزيز
- Aman Wadei
- Mar 6
- 4 min read
فقدان الاحبة يعتبر احد اكثر التجارب الانسانية الما التي يمكن ان يختبرها الفرد بحياته والتي قد تسبب مشاعرعميقة من الحزن والاشتياق. هذه المشاعر قد تؤثر على حياة الشخص وطريقة تفكيره بصورة كبيرة بالذات اذا استمرت لفترة طويلة ودون تحسن. بينما يعد الحزن استجابة طبيعية لفقدان شخص عزيز، الا انه قد يتحول إلى حالة معقدة عندما يصبح مستمرًا وشديدًا ويعيق قدرة الشخص على المضي قدمًا في حياته. يُعرف هذا النوع من الحزن باسم “الحزن المعقد" او " الحزن المطول"، وهو حالة نفسية تؤثر على الصحة العاطفية والجسدية والاجتماعية للفرد.
في هذا المقال، سنناقش اضطراب الحزن المعقد من حيث تعريفه، معاييره التشخيصية، أسبابه، تأثيراته النفسية والجسدية، وطرق علاجه .
اولا : تعريف اضطراب الحزن المعقد
يُعرَّف اضطراب الحزن المعقد بأنه اضطراب نفسي يتميز بحزن شديد ومستمر يستمر لمدة تتجاوز 12 شهرًا عند البالغين و6 أشهر عند الأطفال والمراهقين بعد فقدان شخص عزيز. يؤثر هذا الحزن بشكل كبير على الأداء الاجتماعي والوظيفي، مما يجعله مختلفًا عن الحزن الطبيعي الذي يتراجع مع مرور الوقت.
في عام 2022، أدرج الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5-TR) اضطراب الحزن المطوّل كتشخيص منفصل، كما تم الاعتراف به أيضًا في التصنيف الدولي للأمراض (ICD-11) تحت اسم “اضطراب الحزن المطوّل”.
ثانيا: المعايير التشخيصية لاضطراب الحزن المطوّل (DSM-5-TR)
للتشخيص، يجب أن يكون الشخص قد فقد أحد الأحباء قبل 12 شهرًا على الأقل (أو 6 أشهر للأطفال والمراهقين)، ويعاني من حزن مستمر ومفرط يتمثل في الأعراض التالية:
1. اشتياق شديد للمتوفى أو انشغال مفرط بوفاته.
2. وجود أربعة على الأقل من الأعراض التالية:
• صعوبة في تقبل الوفاة.
• تجنب التذكير بالفقدان.
• شعور بالفراغ أو عدم الجدوى.
• فقدان الهوية أو الشعور بأن جزءًا من الذات قد مات.
• انعدام الإحساس بالمستقبل أو فقدان الأمل.
• صعوبة في التعامل مع العواطف السلبية المرتبطة بالحزن.
• صعوبة في إعادة الانخراط في الأنشطة اليومية أو في العلاقات الاجتماعية.
يجب أن تكون هذه الأعراض شديدة وتؤثر على الأداء الاجتماعي أو الوظيفي، ولا يمكن تفسيرها باضطرابات نفسية أخرى مثل الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة
ثالثا: الأسباب وعوامل الخطر
لا يُصاب جميع الأشخاص الذين يمرون بتجربة فقدان شخص عزيز باضطراب الحزن المطوّل. هناك العديد من العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة به، منها:
1. عوامل متعلقة بالمتوفى
• فقدان مفاجئ أو صادم (مثل الحوادث أو الانتحار).
• فقدان طفل أو شريك حياة.
• وجود علاقة عاطفية قوية جدًا مع المتوفى.
2. عوامل نفسية واجتماعية
• تاريخ من الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب أو القلق.
• غياب الدعم الاجتماعي الكافي بعد الفقدان.
• فقدان متعدد أو متكرر في فترة قصيرة.
• تاريخ من الصدمات النفسية أو سوء المعاملة في الطفولة.
3. عوامل بيولوجية
تشير بعض الدراسات إلى أن اضطراب الحزن المطوّل قد يكون مرتبطًا بعدم انتظام في شبكة الدماغ العاطفية، وخاصة المناطق المسؤولة عن تنظيم المشاعر مثل اللوزة الدماغية (Amygdala) والقشرة الحزامية الأمامية (Anterior Cingulate Cortex)، مما قد يؤدي إلى استجابات عاطفية مفرطة تجاه الذكريات المرتبطة بالمتوفى.
رابعا: التأثيرات النفسية والجسدية
1. التأثيرات النفسية
• زيادة خطر الاكتئاب واضطرابات القلق.
• ارتفاع احتمالية التفكير في الانتحار.
• ضعف في الأداء المعرفي مثل صعوبة التركيز واتخاذ القرارات.
2. التأثيرات الجسدية
• زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم بسبب الإجهاد المزمن.
• ضعف جهاز المناعة مما يزيد من القابلية للعدوى والأمراض المزمنة.
• اضطرابات النوم والتعب المزمن.
خامسا: الفرق بين اضطراب الحزن المطوّل والحزن الطبيعي
الحزن الطبيعي هو استجابة عاطفية طبيعية ومتوقعة بعد فقدان شخص عزيز، وعادةً ما يتراجع تدريجيًا بمرور الوقت، حيث يبدأ الشخص في التكيف مع الفقدان واستعادة حياته اليومية. أما اضطراب الحزن المطوّل (PGD)، فهو حالة مرضية تستمر فيها مشاعر الحزن لفترة طويلة وتتسم بشدة زائدة.
الاختلافات الرئيسية بين الحزن الطبيعي واضطراب الحزن المطوّل:
• المدة: الحزن الطبيعي يتحسن خلال أشهر إلى سنة، بينما يستمر اضطراب الحزن المطوّل أكثر من 12 شهرًا دون تحسن.
• الشدة: في الحزن الطبيعي، تقل المشاعر السلبية بمرور الوقت، أما في PGD فتبقى شديدة ومستدامة.
• التكيف: الأشخاص المصابون بـ PGD يجدون صعوبة في التأقلم مع الفقدان مقارنة بالحزن الطبيعي، حيث يتمكن الشخص من استعادة حياته تدريجيًا.
• التأثير على الحياة: الحزن الطبيعي لا يمنع الفرد من ممارسة حياته بعد فترة، بينما يعطل PGD الأداء اليومي والاجتماعي بشكل كبير.
• الاستجابة للذكريات: الحزن الطبيعي يسمح بمشاعر متوازنة عند تذكر المتوفى، بينما في PGD تظل الذكريات مؤلمة جدًا.
• الأعراض الجسدية والنفسية: PGD يرتبط باضطرابات نوم مستمرة، ضعف المناعة، وزيادة خطر الأمراض الجسدية، في حين أن الحزن الطبيعي قد يسبب اضطرابات قصيرة المدى
سادسا: العلاج والتدخلات
لا يتطلب الحزن الطبيعي تدخلاً علاجياً، ولكن اضطراب الحزن المعقد يستدعي علاجات متخصصة. تشمل الخيارات العلاجية:
العلاج النفسي:
يعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) المخصص للحزن أحد أكثر العلاجات فعالية، حيث يركز على:
• تعديل الأفكار السلبية المرتبطة بالفقدان.
• تعزيز القدرة على التكيف مع الحياة بدون المتوفى.
• معالجة الشعور بالذنب أو اللوم الذاتي.
2. العلاج الدوائي:
في بعض الحالات، قد تُستخدم مضادات الاكتئاب (مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية SSRIs)، ولكنها لا تُعتبر العلاج الأساسي، بل يتم استخدامها فقط عند وجود أعراض اكتئابية حادة أو أفكار انتحارية.
4. الدعم الاجتماعي :
• تقوية العلاقات الاجتماعية لتخفيف العزلة.
• الانخراط في أنشطة ترفيهية أو تطوعية تساعد في تحسين الحالة النفسية.
يعد اضطراب الحزن المطوّل مشكلة نفسية خطيرة يمكن أن تؤثر على جودة الحياة والصحة النفسية والجسدية للفرد. وعلى الرغم من أنه لا يمكن تجنب الحزن تمامًا، إلا أن التعرف على أعراضه، وفهم أسبابه، وطلب الدعم النفسي المناسب يمكن أن يساعد في التكيف معه بطريقة صحية.
إذا كنت أنت أو أي شخص تعرفه يعاني من أعراض الحزن المعقد، فمن الضروري البحث عن المساعدة المهنية للتأكد من تلقي الدعم اللازم
د.أمان
Comments