الحزن والحداد على فراق شخص عزيز
- Aman Wadei
- Jan 20
- 11 min read
فقدان الأحبة هو أحد أصعب التجارب التي يمكن أن يمر بها الإنسان، سواء كان الفقد بسبب الموت أو الابتعاد . تلك اللحظات التي يختفي فيها أحد الأشخاص المقربين من حياتنا، سواء بشكل صادم او حتى متوقع، تحمل في طياتها مشاعر عميقة من الحزن، الألم، والفراغ. لكن، على الرغم من أن هذه التجربة مؤلمة، إلا أنها تمثل جزءًا من التجربة الإنسانية المشتركة التي يمر بها الجميع بشكل أو بآخر. في هذا المقال، سنناقش معنى الحزن والحداد على فراق شخص عزيز، مراحل وانواع الحداد بالطب النفسي، اثره على الصحة الجسدية ، وطرق للتعافي من الم وحزن الفراق والحداد .
اولا: معنى الحداد والحزن على فراق شخص عزيز
الحداد هو عملية نفسية وعاطفية طبيعية يمر بها الإنسان عند فقد شخص عزيز أو شيء ذو قيمة كبيرة في حياته وقد تضمن عيش مجموعة من المشاعر المتقلبة من الحزن والالم والانكار الى الغضب والندم او حتى الياس وصولا الى القبول والرضا . الحداد ليس مرضًا او اضطرابا بحد ذاته، بل هو رد فعل طبيعي على الفقد ويعكس عمق العلاقة التي كانت تربط الشخص بالمتوفى أو الشيء المفقود. قد تضمن تجربة الحداد ظهور مجموعة من الاعراض الجسدية ايضا ، بالذات عند الاشخاص الذين يميلون لقمع مشاعرهم او يواجهون صعوبة بالتعبير عنها مثل تغيرات في الوزن والشهية، صعوبة في النوم، آلام وأوجاع، وضعف في الجهاز المناعي.
ثانيا : مراحل الحداد في الطب النفسي
تشير الأبحاث والدراسات إلى أن الحداد يمر بعدة مراحل، وهذه المراحل قد تتداخل أو تتغير حسب الشخص وظروفه. ومن أبرز نماذج مراحل الحداد هو النموذج الذي قدمته الطبيبة إليزابيث كوبلر-روس في عام 1969 في كتابها الشهير عن الموت والموتى. تحدثت كوبلر-روس عن خمس مراحل أساسية في عملية الحداد، وهي:
الإنكار (Denial):
في هذه المرحلة، ينكر الشخص حقيقة الفقد او الموت حيث يكون حجم الصدمة اكبر بكثير مما يستطيع عقله استيعابه ، فقد يشعر انه بحلم وسيستيقظ منه ويجد من يحب حوله ، او قد يشعر بجمود فكري وانه لا يستطيع استيعاب شيء بالذات اذا كان الفراق مفاجئا و قد يرفض الشخص قبول الواقع ويشعر كما لو أن ما حدث ليس حقيقيًا وان من يحب موجود ولم يمت .
لماذا يحدث الانكار:
حماية النفس من الألم: الإنكار هو آلية دفاعية تساعد الشخص في تقليل الألم النفسي الحاد الذي يرافق الفقد. إنه يسمح للشخص بالتعامل مع الخسارة تدريجيًا بدلًا من مواجهة الحقيقة بشكل مفاجئ.
الصدمة العاطفية: عندما يحدث الفقد فجأة أو بطريقة غير متوقعة، يكون الشخص في حالة من الصدمة التي تمنعه من استيعاب الموقف بالكامل، مما يدفعه إلى إنكار الواقع في البداية.
الحاجة إلى الوقت للتكيف: الإنكار يوفر للشخص وقتًا إضافيًا للتكيف مع الفقد بشكل تدريجي. في هذه المرحلة، لا يكون الشخص جاهزًا بعد لاستقبال كامل المشاعر المترتبة على الخسارة.
الغضب (Anger):
في هذه المرحلة قد يختبر الشخص غضب شديد تجاه الظروف التي تسببت في الفقد. قد يكون الغضب موجهًا نحو الذات بسبب الشعور بالذنب والتقصير ، او الأشخاص الآخرين مثل الاطباء بسبب عدم منعهم لما حدث، أو حتى الشخص المتوفى لانه قد رحل وتركك. من المهم جدا التعبير عن هذه المشاعر والسماح بعيشها حتى تسمح لها بالرحيل .
المساومة (Bargaining):
في هذه المرحلة، يحاول الشخص ايجاد حلول لمنع حدوث الفقد او الموت عن طريق المساومة مع الله او مع نفسه .. قد يبدأ الشخص في محاولة البحث عن طرق لتغيير الواقع، مثل أن يتمنى لو فعل شيئًا مختلفًا، لكان يمكن تجنب الخسارة. على سبيل المثال، قد يفكر الشخص: "إذا كنت قد فعلت هذا أو ذاك، ربما كان من الممكن إنقاذ الشخص الذي توفي." و في بعض الأحيان، قد يقدم الشخص وعودًا لنفسه أو للآخرين، مثل: "إذا عاد هذا الشخص إلى حياتي، فسوف أكون شخصًا أفضل وأغير سلوكي." قد يشعر الشخص بأن هذه المساومة قد تعيد الحياة كما كانت أو قد تقلل من الألم الناتج عن الفقد.
يمر الشخص في هذه المرحلة بمشاعر متضاربة، فقد يشعر أن الفقدان كان غير عادل أو أن الأمور كان يمكن أن تكون مختلفة إذا ما تم تغيير شيء ما.
لماذا تحدث المساومة؟
المساومة هي شكل من أشكال التعامل مع الصدمة والحزن، حيث يظن الشخص أن المساومة قد تعيده إلى الوضع الذي كان عليه قبل الفقد. فمحاولة التوصل إلى حل أو "اتفاق" يمكن أن تمنح الشخص شعورًا مؤقتًا بالسيطرة أو الأمل، مما يساعده في التعامل مع مشاعر العجز والألم التي يواجهها
الاكتئاب (Depression):
في مرحلة الاكتئاب، يواجه الشخص مشاعر من الحزن العميق، التي قد تكون مرهقة ومؤلمة. قد يشعر الفرد بفقدان الأمل، والوحدة، والفراغ، وقد يعتقد أن الحياة لم تعد ذات معنى وليس لها اي قيمة بعد الخسارة . قد يواجه الشخص أيضًا مشاعر من العجز، ويعتقد أن لا شيء في الحياة يمكن أن يكون كما كان. هذه المرحلة يمكن أن تكون مصحوبة بعدد من المشاعر والتجارب، منها:
الحزن العميق: الشخص قد يشعر بحزن لا ينتهي أو غرق في مشاعر الأسى، قد يشعر كما لو أن الفقد لا يمكن تحمله أو أنه سيستمر إلى الأبد.
الشعور بالفراغ واليأس: في هذه المرحلة، قد يشعر الشخص بأن حياته فقدت معناها، وأنه لن يكون قادرًا على التكيف أو المضي قدمًا دون الشخص المفقود.
الانعزال الاجتماعي: قد يفضل الشخص الانسحاب من العالم الاجتماعي، والتقليل من التواصل مع الآخرين. هذا الانعزال قد يكون بسبب مشاعر الحزن أو الشعور بعدم القدرة على مشاركة مشاعره مع الآخرين.
فقدان الاهتمام بالأشياء: قد يفقد الشخص الاهتمام بالأشياء التي كانت تجلب له السعادة في الماضي، مثل الأنشطة التي كان يستمتع بها أو الهوايات.
الشعور بالذنب أو الندم: في بعض الأحيان، قد يشعر الشخص بالذنب بسبب أشياء لم يفعلها أو أشياء كان يمكن أن يفعلها قبل الفقد. قد يعاني أيضًا من مشاعر الندم على أمور لم يُحسن التصرف فيها.
آلام جسدية: الاكتئاب في هذه المرحلة قد يؤثر أيضًا على الصحة الجسدية، حيث قد يعاني الشخص من مشكلات في النوم (مثل الأرق أو النوم المفرط)، فقدان أو زيادة الوزن، قلة الطاقة، أو آلام جسدية غير مفسرة.
لماذا يحدث الاكتئاب؟
مواجهة الواقع: في هذه المرحلة، يبدأ الشخص في تقبل حقيقة الخسارة بشكل كامل، مما يؤدي إلى مشاعر عميقة من الحزن، ويشعر أنه لا يمكنه تجاوز هذه الخسارة بسهولة.
الشعور بالوحدة والانعزال: قد يكون الشخص يشعر بفقدان شخص عزيز أو شريك حياة، مما يجعله يشعر بالوحدة الشديدة والانعزال عن العالم المحيط به.
الفراغ الوجودي: يواجه الشخص في مرحلة الاكتئاب تساؤلات وجودية حول الحياة والموت، وقد يشعر بعدم المعنى أو الأمل في المستقبل بعد الفقد.
الألم النفسي: الاكتئاب هو في كثير من الأحيان نتيجة للألم النفسي العميق الناتج عن الخسارة، وهو شعور يختلف عن الحزن العادي ويأخذ شكلًا أكثر ثقلًا واستمرارًا.
كم مدة مرحلة الاكتئاب؟
مدة مرحلة الاكتئاب تختلف من شخص لآخر. بالنسبة لبعض الأشخاص، قد تستمر هذه المرحلة لبضعة أسابيع أو أشهر، بينما قد يعاني آخرون من شعور عميق بالاكتئاب لفترة أطول. من المهم أن نفهم أن الحزن العميق قد يكون طبيعيًا بعد الخسارة، ولكن إذا استمر الاكتئاب لفترة طويلة وكان يعيق الحياة اليومية أو يسبب مشكلات صحية أو نفسية، فقد يكون من المفيد طلب المساعدة من متخصص في الصحة النفسية.
5.القبول (Acceptance):
تحدث هذه المرحلة عندما يبدأ الشخص في التكيف مع واقع فقدان شخص عزيز أو شيء مهم في حياته. في هذه المرحلة، يتقبل الشخص الفقد بشكل كامل ويبدأ في بناء حياته مجددًا، لكن هذا لا يعني نسيان الشخص المفقود أو أن الحزن يختفي تمامًا، بل يعني أن الشخص يتعلم التعايش مع الفقد والقدرة على الاستمرار في حياته.
ماذا يحدث في مرحلة القبول؟
التقبل والهدوء الداخلي: يبدأ الشخص في تقبل حقيقة الفقد، ويتوقف عن مقاومة الواقع أو إنكار الخسارة. في هذه المرحلة، يشعر الشخص بالسلام الداخلي والتصالح مع الفقد. يصبح أكثر استعدادًا للعيش مع الذكريات بدلاً من الألم المستمر.
التكيف مع الحياة الجديدة: في مرحلة القبول، يبدأ الشخص في العودة إلى الأنشطة اليومية بشكل تدريجي. يمكنه التفكير في المستقبل، والقيام بالخطوات اللازمة للعيش من جديد. قد يبدأ في التركيز على الأهداف الجديدة أو يشعر بالرغبة في التواصل مع الأشخاص مجددا..
التعايش مع الفقد: القبول يعني أن الشخص لا يزال يفتقد الشخص الذي فقده، ولكنه يستطيع التعايش مع الفقد بشكل صحي. قد تكون هناك لحظات من الحزن بين الحين والآخر، لكن هذه المشاعر لن تعيق الشخص عن المضي قدمًا في الحياة.
الاستمرار في الحياة بعد الفقد: في هذه المرحلة، يبدأ الشخص في التطلع إلى المستقبل بشكل أكثر إيجابية. قد يشعر الشخص أنه قادر على بناء حياة جديدة دون الشخص المفقود، أو أنه قادر على الحفاظ على الذكريات بشكل إيجابي دون أن تظل الذكريات تؤلمه.
إعادة بناء الهوية: بعد الفقد، قد يشعر الشخص أن جزءًا من هويته قد ضاع. ولكن مع الوقت، يبدأ في إعادة تعريف نفسه بطريقة لا تعتمد بالكامل على الشخص المفقود. قد يبدأ الشخص في التركيز على أهدافه الشخصية أو علاقاته الأخرى، ويكتشف جوانب جديدة في حياته.
النمو العاطفي والنضج: بعد مرور فترة من الزمن، قد يشعر الشخص بأنه قد نما عاطفيًا وأصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات في الحياة. قد يبدأ في إيجاد معنى جديد أو دروس تعلمها من خلال تجربة الفقد.
علامات تدل على انك بمرحلة القبول:
القدرة على التحدث عن الفقد بسلام: في هذه المرحلة، يكون الشخص قادرًا على التحدث عن الشخص المفقود أو عن الخسارة دون أن يشعر بالدموع أو الغضب الشديد. يشعر الشخص أنه لا يزال مرتبطًا بالذاكرة ولكنه لا يعاني بعد الآن من الألم الحاد.
إعادة الانخراط في الحياة اليومية: يبدأ الشخص في العودة إلى روتينه اليومي والنشاطات المعتادة بشكل تدريجي. قد يبدأ في اتخاذ قرارات جديدة، مثل العودة للعمل أو استئناف الهوايات والأنشطة التي كان يحبها.
إحساس بالتوازن الداخلي: يبدأ الشخص في الشعور بالتوازن والهدوء الداخلي. ربما يشعر أيضًا بشعور من الفخر لأنه استطاع أن يتجاوز مرحلة الحزن والألم ويبدأ في التقدم.
القبول بوجود الشخص المفقود في الذاكرة: في هذه المرحلة، يتقبل الشخص فكرة أن الشخص المفقود سيظل جزءًا من حياته بطريقة غير مؤلمة. قد يحتفظ بالذكريات الإيجابية ويستخدمها كمصدر للتعزية بدلاً من أن تكون مصدرًا للألم.
ملاحظة مهمة : هذه المراحل الخمسة قد لا تسير بطريقة خطية او بالترتيب في كثير من الاحيان ، فلا تعتقد ان هناك شيء خاطئ بك اذا لم تختبرها بالطريقة الموضحة بالاعلى حيث ان لكل شخص تجربة مختلفة عن الاخر تتاثر بمستوى وعيه وادراكه لمعنى الحياة والموت والعلاقة التي كانت تربطه بالشخص المتوفي والظروف التي حدث بها الفقد. ففي بعض الاحيان قد تبدأ بالقبول ثم تعود لاختبار مشاعر الحزن او الرفض او الغضب . مهما كانت المشاعر التي تختبرها ، تذكر ان النقطة الاهم هي عدم قمعها والسماج لها بالظهور .
ثالثا : أنواع الحداد والحزن على الفقد بالطب النفسي
على الرغم من أن الحداد عملية مشتركة بين البشر، إلا أنه قد يظهر بطرق متنوعة . وفيما يلي بعض أنواع الحداد والحزن التي قد يمر بها الأشخاص:
الحداد والحزن الطبيعي (Normal Grief):
يُعتبر الحداد الطبيعي استجابة متوقعة وطبيعية لفقدان شخص عزيز. يتضمن مشاعر الحزن، الأسى، والغضب، ويستمر لفترة من الوقت، ولكن مع مرور الوقت تبدأ هذه المشاعر في التلاشي، ويعود الشخص تدريجيًا إلى حياته الطبيعية. وهو ما قمنا بشرحه سابقا.
الحداد والحزن المعقد (Complicated Grief):
في بعض الأحيان، قد يصبح الحداد أكثر تعقيدًا، ويستمر لفترة طويلة بحيث يؤثر على حياة الشخص اليومية. في هذه الحالة، قد يواجه الشخص صعوبة في قبول الواقع أو قد يشعر بألم مستمر لفترة طويلة بعد الفقد. هذا النوع من الحداد قد يؤدي إلى مشاعر من الاكتئاب العميق والعجز، وقد يتطلب العلاج النفسي للمساعدة في تخطيه.
الحداد والحزن التوقعّي (Anticipatory Grief):
يحدث هذا النوع من الحداد قبل حدوث الفقد. قد يشعر الشخص بالحزن قبل وفاة أحد أحبائه بسبب مرض خطير أو حالة صحية خطيرة. هذه المرحلة تمنح الشخص فرصة للتكيف مع الخسارة المستقبلية، ولكن قد تكون مشاعر الحزن مدمرة قبل أن يحدث الفقد الفعلي.
الحداد والحزن المنبوذ (Disenfranchised Grief):
يحدث هذا النوع من الحداد عندما يكون الشخص غير قادر على التعبير عن حزنه بشكل علني أو يتم تجاهل فقدانه من قبل المجتمع. قد يشمل ذلك الحزن على فقدان حيوان أليف، أو الحزن بسبب انفصال عاطفي، أو فقدان علاقة غير معترف بها اجتماعيًا.
رابعا: أثر الحداد على الصحة النفسية والجسدية
الحداد ليس مجرد عملية عاطفية، بل له أيضًا تأثيرات جسدية. فقد أظهرت الدراسات أن الحزن الشديد يمكن أن يؤثر على الجسم بشكل سلبي. من هذه الآثار:
تغيرات في الوزن والشهية:
قد يعاني الشخص من فقدان أو زيادة في الشهية، مما يؤدي إلى تغيرات ملحوظة في الوزن.
صعوبة في النوم:
من الشائع أن يعاني الشخص في فترة الحداد من الأرق أو كثرة النوم، مما يؤثر على صحته العامة.
الآلام الجسدية:
يمكن أن يؤدي الحزن إلى شعور بالآلام الجسدية مثل آلام الظهر، الصداع، أو آلام العضلات.
ضعف جهاز المناعة:
يمكن أن يؤدي الحزن العميق إلى ضعف جهاز المناعة، مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
خامسا :التعامل مع الحداد والوصول لمرحلة القبول
التعامل مع الحداد يتطلب وقتًا وصبرًا. هناك عدة طرق يمكن أن تساعد الشخص على التعامل مع الحزن بشكل صحي:
1. قبول الحزن والتعبير عنه
أول خطوة نحو الشفاء والقبول هي السماح للنفس بتجربة جميع المشاعر المرتبطة بالفقد. من المهم أن نتذكر أن الحزن ليس شيئًا يجب الخوف منه أو التخلص منه بسرعة، بل هو عملية طبيعية قد تستغرق وقتًا. التعبير عن الحزن يمكن أن يكون بمثابة تحرير للعواطف المكبوتة، مما يساعد على التخفيف من الألم. يمكنك محاولة الكتابة عن مشاعر الفقدالتي تمر بها ، سواء في شكل مذكرات أو رسائل للشخص المتوفى ويمكنك مشاركة مشاعر الحزن مع الأصدقاء والعائلة أوحتى مستشار نفسي . لا تستهن ابدا باهمية هذه الخطوة في الشفاء من تجربة الفقد المؤلمة .
2. التأمل والروحانية
التأمل ، الصلاة ، الدعاء واللجوء الى الخالق، تعد من الأدوات القوية جدا والتي تساعد في التعامل مع الحزن العميق، الاسترخاء، تهدئة العقل، التواصل مع الذات والعثور على السلام الداخلي والتوازن الذي يساعده على تخفيف القلق والألم الناتج عن الفقد والوصول لمرحلة القبول .
• التأمل الذهني: ممارسة التأمل والتمارين التنفسية يمكن أن تساعد في تقليل مستويات التوتر والقلق، مما يعزز الراحة النفسية.
• الدعاء والصلاة والروحانية: الايمان والدين واالجوء للخالق له دور كبير في تجاوز مشاعر الالم والعثور على حكمة ومعنى وراء الفقد . ستجد في الدعاء والصلاة والدين دعما معنويا كبيرا لا يستطيع اي شخص او حتى اي طبيب تقديمه لك. بالاضافة لذلك، تعتبر الصلاة الخاشعة من افضل تمارين التامل الذههني التي تساعد على تصفية الذهن وتهدأة المشاعر والشعور بالاتزان والاستقرار الداخلي. كلما شعرت بالام النفسي، تذكر ان خالقكك موجود يستمع لك ويجيب دعائك وهو افضل من يهتم لحالك . انت لست وحدك ابدا.
3. الدعم الاجتماعي
الراحة والدعم من الأصدقاء والعائلة أمر أساسي خلال عملية الشفاء من الحزن. العلاقات الاجتماعية يمكن أن توفر نوعًا من الأمان العاطفي، وتساعد الشخص في مواجهة تحديات الحزن والتأقلم معه.
• الحديث مع الأحباء: البقاء على تواصل مع الأشخاص المقربين يمكن أن يكون له تأثير كبير في تعزيز شعور الشخص بالحب والدعم.
• الانضمام إلى مجموعات دعم: في بعض الحالات، قد يساعد الانضمام إلى مجموعة دعم للأشخاص الذين مروا بتجربة فقد مشابهة في تبادل الخبرات والمشاعر، مما يساهم في التخفيف من شعور العزلة.
4. الحفاظ على الروتين اليومي والاعتناء بالجسم
في أوقات الحزن العميق، قد يكون من السهل الانزلاق إلى حالة من العزلة أو الإهمال الذاتي. لكن الحفاظ على الروتين اليومي والعناية بالجسم يمكن أن يساعد في تخفيف الألم العاطفي. النوم الجيد، الطعام الصحي، وممارسة التمارين الرياضية تساعد في تعزيز الحالة النفسية.
• الأنشطة البدنية: ممارسة الرياضة، مثل المشي أو اليوغا، يمكن أن تساعد في تقليل مستويات التوتر وتزيد من إفراز الهرمونات التي تعزز المزاج.
• الاعتناء بالنوم والصحة: الحصول على قسط كافٍ من النوم وتناول طعام صحي يمكن أن يحسن من قدرة الجسم والعقل على التعامل مع الضغط العاطفي.
5. تقديم الاحترام للذكريات
بدلاً من محاولة نسيان الشخص المتوفى أو التخلص من الذكريات المؤلمة، يمكن أن يساعد الشخص في الشفاء من خلال تكريم هذه الذكريات. إقامة طقوس خاصة، مثل زيارة قبر الشخص، تقديم الصدقة عن روحة ، صنع الطعام وتوزيعه للاخرين ، تقديم مساعدات انسانية يمكن أن يكون بمثابة احترام لذكرى الشخص العزيز وتعزيز الشعور بالتواصل معه.
• إحياء الذكريات: فكر في الامور التي كان يحب القيام بها الشخص المتوفي، وقم بتنفيذها . قد تكون امور بسيطة مثل وجبة طعام يحبها ، لا باس قم بصنعها والاستمتاع بها ولا تخف ابدا من الذكريات . ستجد في هذه الذكريات مواساة كبيرة على الفقد . اذا كان يحب القيام بامور خيرية مثل اطعام القطط او الحيوانات مثلا ، قم باكمال عمله والاهتمام بها . عزيزك قد رحل لكنك هنا لاكمال اعماله وفعل الخير عن روحه. اجعل هذا هدفا لك للاستمرار.
• الاحتفال بالحياة: اذا كان عزيزك المتوفي يراك ، سيحب ان يراك بخير ، وسيحزن ان لم تكن كذلك. الموت سنة الحياة وجزء اساسي من الوجود، لكن هذا لا يعني ان تموت قبل اوانك . مادام هناك يوم لتعيشه ، عشه بكامل طاقتك وفرحك . قد يكون هذا الامر صعب في البداية، وانا لا اطلب منك ان تتجاهل حزنك وتضع تركيزك على الفرح ، عش مراحل الفقد بكل مشاعرها ، لكن مع مضي الوقت ، لا تدع نفسك تنجرف وتغرق داخل مشاعر الحزن وتذكر ان لديك حياة ايضا وواجب عليك ان تعود لها وان تستمع بها وتشكر الله على نعمه. قد تكون خسرت شيئا او شخصا مهما ، لكن هناك الكثير من الاشياء الموجودة والاشخاص الموجودين والذين لم تخسرهم ويجب عليك الاستمتاع معهم وخلق ذكريات جميلة والامتنان على النعم التي لا تزال موجودة.
6. البحث عن معنى الفقد
البحث عن معنى الفقد يساعد على تحويل الحزن إلى فرصة للتطور الشخصي. قد لا يكون الفقد دائمًا تجربة مريحة، لكن من خلال التفكير العميق في معناه، يمكن أن يجد الشخص طرقًا لتطوير نفسه والتعلم من هذه التجربة. قد يكون الفقد سبب في ادراكك لمعاني اعمق للحياة والموت ، قد يكون سببا للبدأ بتقدير امور مهمة واشخاص مهمين كنت قد نسيت الاهتمام بهم، قد يكون سببا للاهتمام بصحتك التي كنت قد اهملتها لسنوات طويلة ... تجربة الفقد لها قدرة كبيرة جدا على التغيير، لا تسمح ابدا لهذه التجربة ان تمر دون احداث تغييرات فيك وفي حياتك .
الحداد هو تجربة إنسانية طبيعية تعكس عمق العلاقة بين الشخص والمتوفى. على الرغم من أن الحزن يمكن أن يكون مؤلمًا جدًا، إلا أنه في النهاية جزء من العملية التي تتيح للفرد التكيف مع فقدانه. يجب على كل شخص أن يمر بهذه العملية بالطريقة التي تناسبه، وألا يشعر بالضغط للتعافي بسرعة. مع مرور الوقت والدعم المناسب، يمكن أن يتعلم الفرد التعايش مع الفقد والمضي قدمًا في حياته
اذا كان هذا المقال مفيدا لك ، لا تنسى اخي الحبيب من جميل دعائك ❤️
د. أمان
يعطيك العافية حبيبتي امان💜💜💜
🙏🏼❤️